الخميس، 25 أبريل 2019

تفسير قوله تعالى وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا



تفسير قوله تعالى : ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا )
 السؤال
في سورة الجن ، الآية (رقم/3) : ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) يكررها النصارى تشكيكا في ديننا ، كيف نرد عليهم ردا مفحما ؟ هل المتحدث هنا هم الجن جهلا منهم ؟ أم المقصود بقوله ( جد ) ضد الهزل ؟

نص الجواب

الحمد لله
هذه الآية من سورة " الجن " ذات الوقع المؤثر في النفوس ، تحكي حديثا صدر عن الجن الذين استمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ، فآمنوا بالقرآن ، وأسلموا. 
قال الله تعالى : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا . وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا . وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ) الجن/1-4 .
وظاهر جداً من سياق الآيات : أن الجن أعلنوا إيمانهم بوحدانية الله ، ورفضهم لما يقوله المشركون من نسبة الصاحبة والولد إلى الله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
والجد في الآية معناه : العظمة والجلال ، وليس معناه "أبو الأب" كما فهم هؤلاء المفترون .
قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (1/364) :
" الجيم والدال أصولٌ ثلاثة : الأوَّل العظمة ، والثاني : الحَظ ، والثالث : القَطْع .
فالأوّل : العظمة : قال الله جلّ ثناؤُه إخباراً عمّن قال : ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا ) الجن/3 .
ويقال : " جَدَّ الرجُل في عَينِي " أي : عَظُم ، قال أنسُ بنُ مالكٍ : ( كان الرجلُ إذا قرأ سورةَ البقرة وآلِ عِمرانَ جَدَّ فينا ) أي : عَظُم في صُدورِنا .
والثاني : الغِنَى والحظُّ : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه : ( لا يَنْفَع ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ ) يريد : لا ينفَعُ ذا الغنى منك غِناه ، إنّما ينفعه العملُ بطاعتك .
والثالث : يقال : جَدَدت الشيءَ جَدّاً ، وهو مجدودٌ وجَديد ، أي : مقطوع " انتهى .
وانظر : "لسان العرب" (3/107) .
فتفسير عبارة الجن التي حكاها الله عنهم : ( وأنه تعالى جد ربنا ) كتفسير دعاء استفتاح الصلاة أيضا : ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، تَبَارَكَ اسْمُكَ ، وَتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) 
رواه مسلم موقوفا عن عمر (399) . 
والمقصود في كل منهما : تعالت وارتفعت عظمة الله تعالى ، وكبرياؤه ، وعزته ، ونحو ذلك من المعاني التي فيها تعظيم الله تعالى وإجلاله .
لذلك حكى ابن الجوزي في "زاد المسير" (8/378) الأقوال في تفسير الآية ، فقال :
" للمفسرين في معنى : ( تعالى جَدُّ ربِّنا ) سبعة أقوال : أحدها : قدرة ربنا ، قاله ابن عباس . والثاني : غنى ربنا ، قاله الحسن . والثالث : جلال ربنا ، قاله مجاهد وعكرمة . والرابع : عظمة ربنا ، قاله قتادة . والخامس : أمر ربنا ، قاله السُّدِّي . والسادس : ارتفاعُ ذِكْرِه وعظمته ، قاله مقاتل . والسابع : مُلك ربنا وثناؤه وسلطانه ، قاله أبو عبيدة " انتهى . 
وهذه المعاني كلها متقاربة وتدل على عظمة الله تعالى وكبريائه .
والمعنى الإجمالي منها في الآية : هو التعبير عن الشعور باستعلاء الله سبحانه وبعظمته وجلاله عن أن يتخذ صاحبة ، أي : زوجة ، وولداً ، بنين أو بنات!
وكانت العرب تزعم أن الملائكة بنات الله ، جاءته من صهر مع الجن! فكذبت الجن هذه الخرافة الأسطورية .
قال ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (14/222) : 
"التعالي : شدة العلوّ .
والجَدّ : العظمة والجلال ، وهذا تمهيد وتوطئة لقوله : (ما اتخذ صاحبة ولا ولَداً) ، لأن اتخاذ الصاحبة للافتقار إليها لأنسها وعونها والالتذاذ بصحبتها ، وكل ذلك من آثار الاحتياج ، والله تعالى الغني المطلق ، وتعالى جَدّه بغناه المطلق ، والولد يرغب فيه للاستعانة والأنس به . . . وكل ذلك من الافتقار والانتقاص" انتهى .
وقال السعدي في تفسيره (ص 1055) : 
"(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا) أي: تعالت عظمته وتقدست أسماؤه، (مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا) فعلموا من جَدِّ الله وعظمته، ما دلهم على بطلان من يزعم أن له صاحبة أو ولدا، لأن له العظمة والكمال في كل صفة كمال، واتخاذ الصاحبة والولد ينافي ذلك، لأنه يضاد كمال الغنى" انتهى
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
ما معنى قولنا في دعاء الاستفتاح للصلاة : ( وتعالى جدك ) ؟
الجواب :
" معنى ذلك : تعالى كبرياؤك وعظمتك ، كما قال سبحانه في سورة الجن - عن الجن - أنهم قالوا : ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ) " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن باز" (11/74) .
فتبين من ذلك أن في الآية رداًّ على من نسب لله الصاحبة والولد ، كالمشركين والنصارى ، لأن ذلك يتنافى من عظمة الله وجلاله . 
والله أعلم .

الثلاثاء، 16 أبريل 2019

القرآن يا أمة القرآن



القرآن يا أمة القرآن 



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم وآله وصحبه أجمعين.. أما بعد..

فلقد أرسل الله تعالى نبينا محمد  ليخرج الناس من غياهب الظلمات.. وأكرمه سبحانه بالآيات البينات والمعجزات الباهرات..

وكان الكتاب المبارك أعظمها قدراً، وأعلاها مكانة وفضلاً..

قال النبي : { ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما الذي كان أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة } [متفق عليه].

إنه القرآن.. كتاب الله ووحيه المبارك..  كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ  [هود:1].

القرآن.. كلام الله المنزل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود..  وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ  [الشعراء:192-194].

أحسن الكتب نظاماً، وأبلغها بياناً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً..  لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ  [فصلت:42].

فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم.. هو الجد ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله.. وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم.. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد.. لا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي الى صراط مستقيم..  لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً  [النساء:166].

أنزله الله رحمةً للعالمين، ومحجةً للسالكين، وحجةً على الخلق أجمعين، ومعجزةً باقية لسيد الأولين والآخرين..

أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، ووزن الناس بميزانه..

من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله، قال : { إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين } [رواه مسلم].

إنها كرامة.. وأي كرامة.. أن يكون بين أيدينا كتاب ربنا، وكلام مولانا، الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً..

حالنا مع القرآن..
من تأمل حالنا مع هذا الكتاب العظيم ليجد الفرق الشاسع والبون الواسع بين ما نحن فيه وما يجب أن نكون عليه.

إهمالاً في الترتيل والتلاوة، وتكاسلاً عن الحفظ والقراءة، وغفلة عن التدبر والعمل.. والأعجب من ذلك أن ترى كثيراً من المسلمين ضيعوا أوقاتهم في مطالعة الصحف والمجلات، ومشاهدة البرامج والمسلسلات، وسماع الأغاني والملهيات، ولا تجد لكتاب الله تعالى في أوقاتهم نصيباً، ولا لروعة خطابه منهم مجيباً..!!

فأي الأمرين إليهم أحب، وأيهما إليهم أقرب..

ورسول الهدى  يقول: { المرء مع من أحب يوم القيامة } [متفق عليه].

وترى أحدنا إذا قرأ القرآن لم يحسن النطق بألفاظه، ولم يتدبر معانيه ويفهم مراده..

فترانا نمر على الآيات التي طالما بكى منها الباكون، وخشع لها الخاشعون، والتي لو أنزلت على جبل..  لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21]، فلا ترق قلوبنا، ولا تخشع نفوسنا، ولا تدمع عيوننا، وصدق الله إذ يقول:  ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74].

وترانا نمر على الآيات تلو الآيات، والعظات تلو العظات، ولا نفهم معانيها، ولا ندرك مراميها، وكأن أمرها لا يعنينا، وخطابها لا يناجينا.. فقل لي بربك ما معنى  الصَّمَدُ ؟ وما المراد بـ  غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ؟، وما هو  الْخَنَّاسِ ؟.. والواحد منا يتلو هذه الآيات في يومه وليلته أكثر من مرة..؟!

أي هجران بعد هذا الهجران، وأي خسران أعظم من هذا الخسران..؟!

والرسول  يقول: { والقرآن حجة لك أو عليك } [رواه مسلم].

قال عثمان رضي الله عنه: ( لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم )..

أهل القرآن..
اسمع - رعاك الله - إلى شيء من خبر أهل القرآن وفضلهم. فلعل في ذكرهم إحياء للعزائم والهمم، وترغيبا فيما نالوه من عظيم النعم..

فأهل القرآن هم الذين جعلوا القرآن منهج حياتهم، وقيام أخلاقهم، ومصدر عزتهم واطمئنانهم...

فهم الذين أعطوا كتاب الله تعالى حقه.. حقه في التلاوة والحفظ، وحقه في التدبر والفهم، وحقه في الامتثال والعمل..

وصفهم الله تعالى بقوله:  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ  [الأنفال:2].

أنزلوا القرآن منزلته؛ فأعلى الله تعالى منزلتهم.. فعن أنس بن مالك  قال: قال رسول الله : { إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته } [رواه أحمد والنسائي].

رفعوا القرآن قدره، فرفع الله قدرهم، وجعل من إجلاله إكرامهم..

فعن أنس بن مالك  قال: قال رسول الله : { إنّ من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه.. } الحديث [رواه أبو داود].

ففضلهم ليس كفضل أحد، وعزهم ليس كعز أحد..

فهم أطيب الناس كلاماً، وأحسنهم مجلساً ومقاماً.. تغشى مجالسهم الرحمة، وتتنزل عليهم السكينة، قال : { وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده } [رواه مسلم].

وهم أولى الناس بالإمامة والإمارة.. قال : { يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله تعالى } [رواه مسلم].

ولما جاءت الواهبة نفسها للنبي  فجلست، قام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها، وفيه.. قال : { ماذا معك من القرآن؟ } قال: معي سورة كذا وكذا، فقال: { تقرأهن عن ظهر قلبك؟ } قال: نعم، فقال: { إذهب فقد ملكتها لما معك من القرآن } [متفق عليه].

بل وحتى عند الدفن فلصاحب القرآن فيه شأن.. فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي  كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: { أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ } فإذا أشير الى أحدهما قدّمه في اللحد.. [رواه البخاري].

وهم مع ذلك في حرز من الشيطان وكيده.. قال : { إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة } [رواه مسلم].

وهم كذلك في مأمن من الدجال وفتنته.. فعن أبي الدرداء  أن رسول الله  قال: { من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال } [رواه مسلم].

هذا شيء من منزلتهم في دار الفناء، أما في دار البقاء فهم من أعظم الناس كرامة وأرفعهم درجة وأعلاهم مكانة.

فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها } [رواه أبو داود والترمذي].

وعن بريدة  قال: قال رسول الله : { من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويُكسى والديه حُلتين لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان: بم كُسينا؟، فيقال بأخذ ولدكما القرآن } [صححه الحاكم ووافقه الذهبي].

وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : { يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلّهِ، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حُلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقال: اقرأ وارق، ويزداد بكل آية حسنة } [رواه الترمذي].

وهم مع هذا في موقف القيامة آمنين إذا فزع الناس، مطمئنين إذا خاف الناس، شفيعهم - بعد رحمة الله تعالى - القرآن، وقائدهم هنالك سوره الكرام..

فعن أبي أمامة  قال: قال رسول الله : { اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه } [رواه مسلم]، وقال : { يؤتى يوم القيامة بالقرآن، وأهله الذين يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما } [رواه مسلم].

فهل يا ترى يضيرهم بعد ذلك شيء..؟!

واجبنا نحو القرآن..
إن حق القرآن علينا كبير، وواجبنا نحوه عظيم..

فمن حقه علينا.. الاعتقاد فيه بعقيدة أهل السنة والجماعة..

فهو كلام الله عز وجل، مُنزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، تكلم الله به قولاً، وأنزله على رسوله  وحياً، ولا نقول إنه حكاية الله عز وجل أو عبارة، بل هو عين كلام الله، حروفه ومعانيه، نزل به من عند الله الروح الأمين، على محمد خاتم المرسلين، وكل منهما مبلغ عن رب العالمين.

ومن حقه علينا.. إنزاله منزلته، وتعظيم شأنه، وإحترامه وتبجيله وكمال محبته.. فهو كلام ربنا ومحبته محبة لقائله.

قال ابن عباس رضي الله عنه: ( من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن، فإن أحب القرآن فهو يحب الله، فإنما القرآن كلام الله.. ).

ومنها.. تعلم علومه وتعليمه والدعوة إليه..

قال : { خيركم من تعلم القرآن وعلمه } [رواه البخاري]. فهو أفضل القربات، وأكمل الطاعات.. قال خبّاب رضي الله عنه: ( تقرب الى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب الى الله بشيء أحب إليه من كلامه.. ).

فاحرص - رعاك الله - على تعلم تلاوته وتجويده، وكيفية النطق بكلماته وحروفه.

قال : { الماهر بالقرآن مع السفرة الكرم البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران } [رواه مسلم].

ثم أليس من الخزي - وأي خزي - أن يشيب الرجل في الإسلام وهو لا يحسن تلاوة القرآن؟!

واحذر - وفقك الله - من القول فيه بلا علم أو برأيك.. فهذا أبو بكر الصديق  لما سُئل عن آية من كتاب الله لا يعلم معناها، قال: ( أي أرض تقلني؟، وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم.. ).

واحرص - حرم الله وجهك على النار - على الإخلاص عند قراءته وتعلمه وتعليمه..

فقد ورد عنه  أنه قال عن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة: { ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأُتي به فعرّفه نعمه فعرفها. فقال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.. } الحديث [رواه مسلم].

ومنها.. المحافظة على تلاوته وترتيله..

قال تعالى:  إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ  [فاطر:29].

نعم.. كيف تبور تجارتهم وربحهم وافر.. قال رسول الله : { من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول  آلم  حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف } [رواه الترمذي].

فاحرص - حفظك الله - أن يكون لك ورد يومي لا تتخلف عنه أبداً يفضي بك الى ختم كتاب الله تعالى بصورة دورية.

ولتكن قراءتك للقرآن بتدبر وخشوع، تقف حيث يحسن الوقوف، وتصل حيث يحسن الوصل، إن مررت بآية وعد سألت الله من فضله، وإن مررت بآية وعيد تعوذت، وإن مررت بآية تسبيح سبحت، وإن مررت بسجدة سجدت..

واجتهد في تحسين صوتك بالقرآن، والتغني به، لقوله : { ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به } [متفق عليه]، ومعنى { أذن }: أي استمع.

وليكن لليلك نصيب وافر من قراءتك وقيامك، فهو وقت الأخيار، وغنيمة الأبرار، قال : { لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار.. } الحديث [متفق عليه].

قال تعالى:  وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً  [الإسراء:79].

ومنها فهم معانيه وتدبرها، ومعرفة تفسيره والاتعاظ به..

فالقرآن ما نزل إلا للتدبر والتفكر، والفهم والعمل، قال تعالى:  كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ  [ص:29].

وكيف يطيب لعبد حال، ويهنأ بعيش أو منام، وهو يعلم أنه سيلقى الله تعالى يوماً وكتابه بين يديه، ولم يحسن صحبته، وقد يكون حجة عليه..؟!

ومنها.. الحرص على حفظه وتعاهده..

فهو غنيمة أصحاب الهمم العالية، والعزائم الصادقة.. لهم من رسول الله  بشارة السلامة من النار حيث قال : { لو جُمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار } [رواه البيهقي في الشُعب وحسّنه الألباني].

فإن قصرت همتك عن حفظه كله فاحذر - رعاك الله - أن تكون ممن قال  فيهم: { إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب } [رواه الترمذي].

ومنها.. إقامة حدوده والعمل به، والتخلق بأخلاقه، وتحكيمه..

فالعمل به أساس النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وهجره طريق الذلة والهلاك في الدنيا والآخرة..

فعن سمرة بن جندب  أن النبي  { رأى في منامه رجلاً مضطجعاً على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة، فيشدخ به رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر، فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع الى هذا حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه.. فسأله عنه.. فقيل له: إنه رجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار، يفعل به الى يوم القيامة..} [رواه البخاري].

أخي الكريم..
قال تعالى:  وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً  [الفرقان:30].

قال ابن كثير رحمه الله: ( فترك تصديقه من هجرانه، وترك تبره وفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه الى غيره من شعر أو غناء أو لهو من هجرانه.. ).

وهجر القرآن طريق الى أن يكون القرآن حجة على العبد يوم القيامة..

وأخيراً..
إننا ما زلنا في زمن الإمكان، والقدرة على التوبة والاستغفار..

فضع يدك في يدي، وتعال لنعلنها توبةً نصوحاً لله تعالى من تقصيرنا في حق كتابه، وتفريطنا في أداء حقوقه والقيام بواجباته..

ولنجدد مع كتاب الله تعالى العلاقة، قبل أن نبحث عنه فلا نجد له خبراً، ونستعين به فلا نجد له أثراً.. قال : { ولِيسْريَ على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية.. } الحديث [رواه ابن ماجه والحاكم].

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وحجةً لنا لا علينا.. آمين.

النواهي الواردة في القرآن والسنة


النواهي الواردة في القرآن والسنة
لقد نهانا الله عز وجل ورسوله  عن أمور كثيرة لما يترتب على اجتنابها من المصالح العظيمة والفوائد الجمة ودرء المفاسد الكثيرة والشرور الكبيرة، ومن تلك المناهي ما هو محرم ومنها ما هو مكروه وينبغي على المسلم اجتنابها كما قال النبي : { ما نهيتكم عنه فاجتنبوه }. والمسلم الجاد يحرص على اجتناب المنهيات سواء كانت محرمة أو مكروهة ولا يفعل فعل ضعاف الإيمان الذين لا يبالون بالوقوع في المكروهات علما أن التساهل فيها يؤدي إلى الوقوع في المحرمات وهي كالحمى بالنسبة للمحرمـات من رتع فيه يوشك أن يرتع فيما حرم الله بالإضافة إلى أن اجتناب المكروه يؤجر عليه صاحبه إذا تركه لله وانطلاقاً من هذا لم يحصل التمييز هنا بين ما نهي عنه نهي كراهية وما نهي عنه نهي تحريم ثم إن التمييز بينهما يحتاج إلى علم على أن أكثر ما سيأتي من المنهيات هو من باب المحرم لا المكروه، إليك أيها القارئ الكريم طائفة من نواهي الشريعة:

(1) في العقيدة:
النهي عن الشرك عموماً الأكبر والأصغر والخفي.

والنهي عن إتيان الكهان والعرافين وعن تصديقهم وعن الذبح لغير الله وعن القول على الله ورسوله بلا علم.

والنهي عن تعليق التمائم ومنها الخرز الذي يعلق لدفع العين وعن التولة، وهي السحر الذي يعمل للتفريق بين شخصين أو الجمع بينهما والنهي عن السحر عموما وعن الكهانة والعرافة، وعن الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس وعن اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق كذلك.

والنهي عن التفكر في ذات الله وإنما يتفكر في خلق الله والنهي أن يموت المسلم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.

والنهي أن يحكم على أحد من أهل الدين بالنار، وعن تكفير المسلم بغير حجة شرعية، وعن السؤال بوجه الله أمرا من أمور الدنيا، وعن منع من سأل بوجه الله بل يعطى ما لم يكن إثما وذلك تعظيما لحق الله تعالى.

والنهي عن سب الدهر لأن الله هو الذي يصرفه والنهي عن الطيرة وهي التشاؤم.

والنهي عن السفر إلى بلاد المشركين والنهي عن مساكنة الكافر وعن اتخاذ الكافرين من اليهود و النصارى وغيرهم من أعداء الله أولياء من دون المؤمنين، وعن اتخاذ الكفار بطانة فيقربون للمشاورة والمودة.

والنهي عن إبطال الأعمال كما إذا قصد الرياء والسمعة والمن.

والنهي عن السفر إلى أي بقعة للعبادة فيها إلا المساجد الثلاثة: المسجد الحرام ومسجد النبي  والمسجد الأقصى وعن البناء على القبور واتخاذها مساجد.

والنهي عن سب الصحابة وعن الخوض فيما حدث من الفتن بين الصحابة وعن الخوض في القدر، وعن الجدال في القرآن والمماراة فيه بلا علم، وعن مجالسة الذين يخوضون في القرآن بالباطل ويتمارون فيه، وعن عيادة المرضى من القدرية ومن شابههم من أهل البدعة وكذا شهود جنائزهم.

والنهي عن سب آلهة الكفار إذا كان يؤدي إلى سب الله عز وجل والنهي عن اتباع السبل أو التفرق في الدين وعن اتخاذ آيات الله هزوا وعن تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، وعن الانحناء أو السجود لغير الله وعن الجلوس مع المنافقين أو الفساق استئناساً بهم أو إيناساً لهم وعن مفارقة الجماعة وهم من وافق الحق.

والنهي عن التشبه باليهود والنصارى والمجوس في إعفاء الشارب وقص اللحية، بل نقص الشارب ونعفي اللحية، وعن بدء الكفار بالسلام وعن تصديق أهل الكتاب أو تكذيبهم فيما يخبرونه عن كتبهم مما لا نعلم صحته. ولا بطلانه، وعن استفتاء أحد من أهل الكتاب في أمر شرعي ( بقصد طلب العلم والفائدة ).

والنهي عن الحلف بالأولاد والطواغيت والأنداد وعن الحلف بالآباء وبالأمانة وعن قول ما شاء الله وشئتّ، وأن يقول المملوك ربي وربتي وإنما يقول مولاي وسيدي وسيدتي، وأن يقول المالك عبدي وأمتي وإنما يقول فتاي وفتاتي وغلامي، وعن قول خيبة الدهر، وعن التلاعن بلعنة الله أو بغضبه أو بالنار.

(2) في الطهارة:
النهي عن البول في الماء الراكد، وعن قضاء الحاجة على قارعة الطريق وفي ظل الناس وفي موارد الماء، وعن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط، واستثنى بعض أهل العلم ما كان داخل البنيان، وعن الاستنجاء باليمين، وأن يتمسح بيمينه والنهي عن الاستنجاء بالعظم والروث لأنه زاد إخواننا من الجن. وعن الاستنجاء بالروث لأنه علف دوابهم.

والنهي أن يمسك الرجل ذكره بيمينه وهو يبول، وعن السلام على من يقضي حاجته.

ونهي المستيقظ من نومه عن إدخال يده في الإناء حتى يغسلها.

(3) في الصلاة:
النهي عن التنفل عند طلوع الشمس وعند زوالها وعند غروبها وهي تطلع وتغرب بين قرني شيطان، فإذا رآها الكفار عباد الكواكب سجدوا لها وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وهذا في صلاة النافلة التي ليس لها سبب، أما ما كانت لسبب فلا بأس كتحية المسجد.

والنهي عن جعل البيوت مقابر لا يتنفل فيها وعن وصل صلاة فريضة بصلاة حتى يتكلم ( بذكر أو غيره ) أو يخرج، والنهي أن يصلي بعد أذان الفجر شيئا إلا ركعتي سنة الفجر.

والنهي عن مسابقة الإمام في الصلاة والنهي أن يصلي خلف الصف، وعن الالتفات في الصلاة، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، وعن قراءة القرآن في الركوع والسجود فإن دعا في سجوده بدعاء من القرآن فلا بأس.

والنهي أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فلا يصلي وهو عاري الكتفين والنهي عن الصلاة وهو بحضرة طعام يشتهيه، وعن الصلاة وهو يدافع البول والغائط والريح، لأن كل ذلك يشغل المصلي ويصرفه عن الخشوع المطلوب.

والنهي عن الصلاة في المقبرة والحمام. والنهي في الصلاة عن نقر كنقر الغراب، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب، وإيطان كإيطان البعير، وهو أن يعتاد مكاناً في المسجد لا يصلي إلا فيه، وعن الصلاة في مبارك الإبل فإنها خلقت من الشياطين.

والنهي عن مسح الأرض أثناء الصلاة فإن احتاج فواحدة لتسوية الحصى ونحوه وعن تغطية الفم في الصلاة. والنهي أن يرفع المصلي صوته في الصلاة فيؤذي المؤمنين وعن مواصلة قيام الليل إذا أصابه النعاس بل ينام ثم يقوم، وعن قيام الليل كله وبخاصة إذا كان ذلك تباعاً.

والنهي عن التثاؤب والنفخ في الصلاة، وعن تخطي رقاب الناس وعن كف الثياب وكفت الشعر في الصلاة، وكف الثياب جمعها وتشميرها وكفت الشعر جمعه وحبسه.

والنهي عن إعادة الصلاة الصحيحة وهذا نافع للموسوسين. وأيضاً النهي أن يخرج المصلي من صلاته إذا شك في الحدث حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً وعن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة، وعن مس الحصى والعبث والكلام أثناء الخطبة، وعن الاحتباء فيها وهو ضم الفخذين إلى البطن وشدهما بالثوب أو باليدين.

والنهي أن يصلي الرجل شيئاً إذا أقيمت الصلاة المكتوبة والنهي أن يقوم الإمام في مكان أرفع من مقام المأمومين دون حاجة، وعن المرور بين يدي المصلي ونهي المصلي أن يدع أحداً يمر بين يديه أو بينه وبين سترته.

والنهي عن البصاق في الصلاة تجاه القبلة وإلى الجهة اليمنى، ولكن يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى، والنهي أن يضع المصلي نعليه عن يمينه أو شماله حتى لا يؤذي من بجانبيه وإنما يضعهما بين رجليه. والنهي عن النوم قبل العشاء إذا كان لا يأمن فوات وقتها، وعن الحديث بعد صلاة العشاء إلا لمصلحة شرعية، وأن يؤم الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه. ومثله نهي الزائر أن يؤم أصحاب الدار إلا إذا قدموه، والنهي أن يؤم قوماً وهم له كارهون لسبب شرعي.

(4) في المساجد:
النهي عن الشراء والبيع ونشد الضالة في المساجد والنهي عن اتخاذ المساجد طرقاً إلا لذكر أو صلاة، والنهي عن إقامة الحدود في المسجد والنهي عن التشبيك بين اليدين إذا خرج عامداً إلى المسجد، لأنه لا يزال في صلاة إذا عمد إلى الصلاة. والنهي أن يخرج أحد من المسجد بعد الأذان حتى يصلي. والنهي أن يجلس الداخل في المسجد حتى يصلي ركعتين، والنهي عن الإسراع بالمشي إذا أقيمت الصلاة، بل يمشي وعليه السكينة والوقار والنهي عن الصف بين السواري والأعمدة في المسجد إلا إذا دعت الحاجة. ونهي من أكل ثوماً أو بصلاً وكل ما له رائحة كريهة أن يقرب المسجد والنهي أن يمر الرجل في المسجد ومعه ما يؤذي المسلمين، والنهي عن منع المرأة من الذهاب إلى المسجد بالشروط الشرعية، ونهي المرأة أن تضع طيباً إذا خرجت إلى المسجد. والنهي عن مباشرة النساء في الاعتكاف، والنهي عن التباهي في المساجد، وعن تزيينها بتحمير أو تصفير أو زخرفة وكل ما يشغل المصلين.

(5) في الجنائز:
النهي عن البناء على القبور أو تعليتها ورفعها والجلوس عليها والمشي بينها بالنعال وإنارتها والكتابة عليها ونبشها. والنهي عن اتخاذ القبور مساجد والصلاة إلى القبر إلا صلاة الجنازة في المقبرة والنهي أن تحد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا الزوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرة أيام، ونهي المتوفى عنها زوجها عن الطيب والاكتحال والحناء والزينة كأنواع الحلي ولبس الثوب المصبوغ ( وهو ثوب الزينة ).

والنهي عن النياحة والنهي عن الإسعاد ( وهو أن تساعد المرأة من مات له ميت بالبكاء، فهو بكاء لغير الله ثم إن الاجتماع بهذه الصفة على البكاء يعد من النياحة ) ومن المحرمات استئجار النائحة، وشق الثوب ونشر الشعر لموت ميت.

والنهي عن نعي أهل الجاهلية أما مجرد الإخبار بموت الميت فلا حرج فيه.

(6) في الصيام:
النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق الثلاثة بعد الأضحى ويوم الشك، وعن إفراد الجمعة بالصوم وكذلك يوم السبت، والنهي عن صيام الدهر والنهي عن تقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين، والنهي عن الصيام في النصف الثاني من شعبان ما لم يكن له صوم معتاد من قبل. والنهي أن يصل يوما بيوم في الصوم دون إفطار بينهما، وعن صيام يوم عرفة بعرفة إلا لمن لم يجد الهدي، والنهي عن المبالغة في المضمضة والاستنشاق إذا كان صائماً. والنهي أن تصوم المرأة صيام نافلة وبعلها شاهد إلا بإذنه، وعن ترك السحور للصائم ولو جرعة ماء. ونهي الصائم عن الرفث والمشاتمة والمقاتلة.

(7) في الحج والأضحية:
النهي عن تأخير الحج بغير عذر، والنهي عن الرفث والفسوق والجدال في الحج.

ونهي المحرم أن يلبس القميص أو العمامة أو السراويل أو البرنس أو الخف، وأن تلبس المحرمة النقاب أو القفازين، والنهي عن قلع شجر الحرم أو قطعه أو خبطه.

والنهي عن حمل السلاح في الحرم أو الصيد فيه أو تنفير الصيد أو ألتقاط لقطته إلا لمعرف. والنهي عن تطييب من مات محرماً وعن تغطية رأسه وعن تحنيطه، بل يدفن في ثيابه فهو يبعث ملبياً.

والنهي أن ينفر الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت ( أي طواف الوداع ) ورخص للحائض والنفساء في تركه.

والنهي عن ذبح الأضحية قبل صلاة العيد والنهي عن الأضحية المعيبة والنهي أن يعطي الجزار منها شيئا على أنه أجرة ونهي من أراد أن يضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره أو بشرته حتى يضحي.

(8) في البيوع والمكاسب:
والنهي عن أكل الربا، وعن البيوع التي تشتمل على الجهالة والتغرير والخداع، والنهي عن بيع الشاة باللحم، وبيع فضل الماء وبيع الكلب والهر والدم والخمر والخنزير والأصنام وعسب الفحل وهو ماؤه الذي يلقح به، والنهي عن ثمن الكلب وكل شيْء حرمه الله فثمنه حرام بيعاً وشراء. وكذلك النهي عن النجش وهو أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها كما يحصل في كثير من المزادات. والنهي عن كتم عيوب السلعة وإخفائها عند بيعها، والنهي عن البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة، والنهي عن بيع ما لا يملك وعن بيع الشيء قبل أن يحوزه ويقبضه، وعن بيع الطعام حتى يستوفيه.

والنهي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل يداً بيد.

والنهي أن يبيع الرجل على بيع أخيه وأن يشتري على شراء أخيه وأن يسوم على سوم أخيه، وعن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وتنجو من العاهة.

والنهي عن التطفيف في المكيال والميزان، والنهي عن الاحتكـار والنهي عن تلقي الركبـان، وهو تلقي من يقدم من خارج البلد سـواء للبيع منهم أو البيع لهم بل يتركون حتى يأتوا سوق البلد وفي ذلك مصلحة للجميع.

والنهي أن يبيع حاضر لباد ( مثل أن يكون ساكن البلد سمساراً للقادم من البادية ) فعليه أن يدعه يبيع بنفسه، والنهي أن يبيع الرجل جلد أضحيته، ونهي الشريك في الأرض أو النخل وما شابهها عن بيع نصيبه حتى يعرضه على شريكه، والنهي عن الأكل بالقرآن والاستكثار به ( مثل الذين يقرأون القرآن ويسألون به الناس ) والنهي عن أكل أموال اليتامى ظلماً وعن القمار والميسر والغصب، والنهي عن أخذ الرشوة وإعطائها والنهي عن السرقة، وعن الاختلاس من الغنيمة وعن النهبة، وهي نهب أموال الناس والنهي عن أكل أموالهم بالباطل وكذلك أخذها بقصد إتلافها والنهي عن بخس الناس أشياءهم، والنهي عن كتمان اللقطة وتغييبها وعن أخذ اللقطة إلا لمن يعرفها، والنهي عن الغش بأنواعه، والنهي أن يأخذ المسلم من مال أخيه المسلم شيئاً إلا بطيب نفس منه وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام، والنهي عن قبول الهدية بسبب الشفاعة، والنهي عن التبقر في المال وهو الاستكثار منه والتوسع فيه وتفريقه في البلدان بحيث يؤدي إلى توزع قلب صاحبه وانشغاله عن الله.

(9) في النكاح:
النهي عن التبتل وهو ترك النكاح، والنهي عن الاختصاء، والنهي عن الجمع بين الأختين والنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى خشية القطيعة. والنهي أن ينكح الرجل امرأة أبيه.

والنهي عن الشغار وهو أن يقول مثلاً زوجني ابنتك أو أختك على أن أزوجك ابنتي أو أختي فتكون هذه مقابل الأخرى وهذا ظلم وحرام والنهي عن نكاح المتعة وهو نكاح إلى أجل متفق عليه بين الطرفين ينتهي العقد بانتهاء الأجل، والنهي عن النكاح إلا بولي وشاهدين، والنهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك أو يأذن له، والنهي عن خطبة المعتدة من وفاة زوج تصريحاً إنما يكون ذلك بالتلميح، والمطلقة الرجعية لا يجوز خطبتها مطلقاً، والنهي عن إخراج المطلقة الرجعية من بيتها ونهي المرأة أن تخرج من بيت زوجها وتتركه في عدة الطلاق الرجعي والنهي عن إمساك المطلقة أو مراجعتها وليس له رغبة فيها وإنما لتطول عليها المدة فتتضرر والنهي أن تكتم المطلقة ما خلق الله في رحمها، والنهي عن اللعب بالطلاق والنهي أن تسأل المرأة طلاق أختها سواء كانت زوجة أو مخطوبة مثل أن تسأل المرأة الرجل أن يطلق زوجته لتتزوجه، والنهي أن يحدث الزوج والزوجة بما يكون بينهما من أمور الاستمتاع والنهي عن إفساد المرأة على زوجها والعكس ونهى النبي  أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن، ونهي المرأة أن تنفق من مال زوجها إلا بإذنه، ونهي المرأة أن تهجر فراش زوجها فإن فعلت دون عذر شرعي لعنتها الملائكة، والنهي عن إيذاء الناشز إذا رجعت إلى طاعة زوجها. والنهي أن تدخل المرأة أحداً بيت زوجها إلا بإذنه، ويكفي إذنه العام إذا لم يخالف الشرع.

والنهي عن ترك إجابة الدعوة إلى الوليمة بغير عذر شرعي، وعن التهنئة بقولهم بالرفاء والبنين لأنها من تهنئة الجاهلية، وأهل الجاهلية كانوا يكرهون البنات.

والنهي أن يطأ الرجل امرأة فيها حمل من غيره والنهي أن يعزل الرجل عن زوجته الحرة إلا بإذنها والنهي أن يطرق الرجل أهله ويفاجأهم ليلاً إذا قدم من سفر فإذا أخبرهم بوقت قدومه فلا حرج، ونهي الزوج أن يأخذ من مهر زوجته بغير طيب نفس منها، والنهي عن الإضرار بالزوجة لتفتدي منه بالمال والنهي عن الظهار والنهي عن الميل إلى إحدى الزوجتين دون الأخرى وعن مجانبة العدل بين الزوجات، وعن نكاح التحليل وهو أن يتزوج مطلقة ثلاثاً لكي يحلها لزوجها الأول.

(10) في أمور متعلقة بالنساء:
النهي أن تبدي المرأة زينتها إلا للمحارم، ونهي النساء عن التبرج ونهي النساء أن يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، والنهي أن تضار والدة بولدها أو مولود له بولده، والنهي عن التفريق بين الوالدة وولدها، وعن المبالغة في ختان المرأة. والنهي أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، والنهي عن مصافحة المرأة الأجنبية وعن تطيب المرأة عند خروجها ومرورها بعطرها على الرجال وأن يختلي الرجل بالمرأة الأجنبية والنهي عن الدياثة والنهي عن إطلاق النظر إلى المرأة الأجنبية وعن اتباع النظرة النظرة.

(11) في الذبائح والأطعمة:
النهي عن الميتة سواء ماتت بالغرق أو الخنق أو الصعق أو السقوط من مكان مرتفع أو نطحتها أخرى أو التي افترسها السبع إلا ماذكي وعن الدم ولحم الخنزير وما ذبح على غير اسم الله وما ذبح للأصنام وعن الأكل مما ذبح دون أن يذكر اسم الله عليه تعمداً.

والنهي عن أكل لحم الجلالة وهي الدابة التي تتغذى على القاذورات والنجاسات وكذا شرب لبنها وعن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وأكل لحم الحمار الأهلي، وعن قتل الضفدع للدواء وهي مستخبثة لا يؤكل لحمها عند جمهور العلماء.

والنهي عن صبر البهائم وهو أن تمسك ثم ترمى بشيء إلى أن تموت أو أن تحبس بلا علف، والبهيمة التي تصبر بالنبل هي المجثمة التي نهى النبي  عن أكلها لأنها لم تذبح بالطريقة الشرعية.

والنهي عن الأكل من صيد الكلب غير المعلم أو إذا خالطته كلاب أخرى فإنه لا يدري أيها الذي صاد والنهي عن أكل الصيد إذا أصابه بآلة فقتلته بثقلها أو صدمتها كالمعراض، أما إذا أصابه بمحدد كالسهم فخرق أو خزق وسمى الله فليأكل.

والنهي عن الذبح بالسن والظفر، وأن يذبح بهيمة بحضرة أخرى، وأن يحد الشفرة أمامها.

والنهي عن أكل طعام المتباريين وهما المتفاخران اللذان يصنعان الطعام للمفاخرة والمراءاة ويتنافسان في ذلك وهو داخل في أكل المال بالباطل.

(12) في اللباس والزينة:
النهي عن الإسراف في اللباس وعن الذهب للرجال، وعن التختم في الوسطى والتي تليها ( أي السبابة ) وعن خاتم الحديد.

والنهي عن التعري وعن المشي عرياناً وعن كشف الفخذ.

والنهي عن إسبال الثياب وعن جرها خيلاء وعن لبس ثوب الشهرة وثوب الحرير.

والنهي عن المفدم وهو المشبع حمرة بالعصفر فلا يلبسه الرجل.

والنهي عن تشبه الرجال بالنساء ولبس ملابسهن وعن تشبه النساء بالرجال ولبس ملابسهم وعن لبس القصير والرقيق والضيق من الثياب للنساء.

والنهي عن الانتعال قائماً وذلك فيما في لبسه قائماً مشقة كالأحذية التي تحتاج إلى ربط. والنهي عن المشي في نعل واحدة لأن الشيطان يمشي في النعل الواحدة.

والنهي عن الوشم وعن تفليج الأسنان و وشرها مثل أخذها بالمبرد ولا يدخل في ذلك تقويم الأسنان بالأسلاك ونحوها.

والنهي عن مشابهة المشركين في إعفاء الشارب وقص اللحية بل نقص الشارب ونعفي اللحية.

والنهي عن النمص وهو نتف شعر الوجه وأشده الأخذ من الحاجبين وعن حلق المرأة شعرها وعن وصل الشعر بشعر مستعار لآدمي أو لغيره للرجال والنساء، وعن نتف الشيب وعن تغيير الشيب بالسواد وعن الصبغ بالسواد وعن القزع وهو حلـق بعض الرأس وتـرك بعضه.

والنهي عن تصوير ما فيه روح في الثياب والجدران والورق سواء كان مرسوماً أو مطبوعاً أو محفوراً أو منقوشاً أو مصبوباً بقوالب ونحو ذلك وإن كان لابد فاعلاً فليصنع الشجر وما لا روح فيه.

والنهي عن افتراش الحرير وجلود النمور وكل ما فيه خيلاء والنهي عن ستر الجدران.

(13) في آفات اللسان:
النهي عن شهادة الزور.

والنهي عن قذف المحصنة.

والنهي عن قذف البريء وعن البهتان.

والنهي عن الهمز واللمز والتنابز بالألقاب والغيبة والنميمة والسخرية بالمسلمين، وعن التفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب وعن السباب والشتم والفحش والخنا والبذاءة وكذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم.

والنهي عن الكذب ومن أشده الكذب في المنام مثل اختلاق الرؤى والمنامات لتحصيل فضيلة أو كسب مادي أو تخويفا لمن بينه وبينهم عداوة ومن عقوبته أن يكلف يوم القيامة بأمر مستحيل وهو أن يعقد بين شعيرتين.

والنهي أن يزكي المرء نفسه، وعن النجوى فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه، وعن التناجي بالإثم والعدوان، وعن لعن المؤمن ولعن من لا يستحق اللعن.

والنهي عن رفع الصوت فوق الصوت النبي  ومن ذلك رفع الصوت فوق صوت القارئ للحديث وكذلك رفع الصوت عند قبره .

والنهي عن سب الأموات، وسب الديك لأنه يوقظ للصلاة وسب الريح لأنها مأمورة وسب الحمى لأنها تنفي الذنوب وسب الشيطان لأنه يتعاظم والمفيد هو الاستعاذة بالله من شره.

والنهي عن الدعاء بالموت أو تمنيه لضر نزل به، وعن الدعاء على النفس والأولاد والخدم والأموال.

والنهي عن تسمية العنب كرما لأن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون أن الخمر تدعو إلى الكرم، والنهي أن يقول الرجل خبثت نفسي والنهي أن يقول نسيت آية كذا وإنما يقول أنسيت ولا يقل اللهم اغفر لي إن شئت بل يعزم في الدعاء والمسألة، النهي عن إطلاق لفظة سيد على المنافق والنهي عن التقبيح وخاصة تقبيح الزوج زوجته ( مثل أن يقول قبحك الله )، وعن قول راعنا، والنهي عن السؤال قبل السلام، والنهي عن التمادح، وعن المقاطعة في الكلام، وعن المدح في الوجه.

(14) في آداب الطعام والشراب:
النهي عن الأكل مما بين أيدي الآخرين وعن الأكل من وسط الطعام وإنما يأكل من حافته وجوانبه فإن البركة تنزل وسط الطعام، والنهي عن ترك اللقمة إذا سقطت بل يزيل عنها الأذى ثم يأكلها ولا يدعها للشيطان.

والنهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة والنهي عن الشرب واقفا وعن الشرب من ثلمة الإناء المكسور حتى لا يؤذي نفسه وعن الشرب من فم الإناء والنهي عن التنفس فيه، وعن الشرب بنفس واحد بل يشرب ثلاثا فإنه أهنأ وأمرأ وأبرأ.

والنهي عن النفخ في الطعام والشراب والنهي عن الأكل والشرب بالشمال، وأن يأكل الشخص وهو منبطح على بطنه وأن يقرن الرجل بين تمرتين عند الأكل إلا إذا أذن له صاحبه المشترك معه في الطعام وذلك لما في الإقران من الشره والإجحاف برفيقه، والنهي عن استعمال آنية أهل الكتاب التي يستعملونها فإذا لم يجد غيرها فليغسلها ويأكل فيها، والنهي عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر.

(15) في آداب النوم:
والنهي عن النوم على سطح ليس له جدار حتى لا يسقط إذا تقلب أثناء نومه والنهي عن مبيت الرجل وحده والنهي عن ترك النار في البيت موقدة حين النوم، والنهي أن يبيت الرجل وفي يده غمر مثل الزهومة والزفر والنهي عن النوم على البطن، والنهي عن وضع إحدى الرجلين على الأخرى عند الاستلقاء على القفا إذا كان يكشف العورة، والنهي أن يحدث الإنسان بالرؤيا القبيحة أو أن يفسرها لأنها من تلعب الشيطان.

(16) في أمور متفرقة:
النهي عن قتل النفس بغير حق، والنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر وعن الانتحار.

والنهي عن الزنا و النهي عن اللواط وشرب الخمر وعصره وحمله وبيعه. والنهي عن الفرار من الزحف إلا لسبب شرعي، والنهي عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، والنهي عن إرضاء الناس بسخط الله.

والنهي عن نقض الأيمان بعد توكيدها في العهود والمواثيق، وعن الغناء والكوبة وهو الطبل وعن المزمار وعن المعازف، والنهي عن انتساب الولد لغير أبيه، والنهي عن التعذيب بالنار، والنهي عن تحريق الأحياء والأموات بالنار والنهي عن المثلة وهي تشويه جثث القتلى، والنهي عن الإعانة على الباطل والتعاون على الإثم والعدوان، والنهي عن حمل السلاح على المسلمين.

والنهي أن يفتي بغير علم والنهي عن يطيع أحداً في معصية الله والنهي عن الحلف كاذبا وعن اليمين الغموس، وعن قبول شهادة الذين يرمون المحصنات ولم يأتوا بأربعـة شهـداء إلا إذا تابـوا، وعن تحريم الطيبات التي أحلها الله، وعن اتباع خطوات الشيطان، وعن التقدم بين يدي الله ورسوله لا بقول ولا بفعل.

والنهي أن يستمع لحديث قوم بغير إذنهم، وعن الاطلاع في بيوت قوم بغير إذنهم، وعن الدخول إلى بيوت الناس إلا بعد الاستئذان، وعن النظر إلى العورات.

والنهي أن يدعي ما ليس له والنهي أن يتشبع بما لم يعط وأن يسعى إلى أن يحمد بما لم يفعل.

والنهي عن دخول ديار الأقوام الذين أهلكهم الله بالعذاب إلا مع البكاء أو التباكي ويدخل معتبراً لا متفرجاً، والنهي عن اليمين الآثمة، والتجسس وسوء الظن بالصالحين والصالحات والنهي عن التحاسد والتباغض والتدابر والنهي عن التمادي في الباطل.

والنهي عن الكبر والفخر والخيلاء والإعجاب بالنفس وعن الفرح المذموم بالدنيا الذي يسبب الأشر والبطر.

والنهي عن المشي في الأرض مرحاً وعن تصعير الخد للناس وهو علامة الكبر. والنهي أن يعود المسلم في صدقتة ولو بشرائها، والنهي أن يقتل الوالد إذا قتل ولده، وأن ينظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة. وعن النظر إلى فخذ حي أو ميت والنهي عن انتهاك حرمة الشهر الحرام أما مجاهدة الكفار فيه فهي مشروعة.

والنهي عن الإنفاق من الكسب الخبيث.

والنهي عن استيفاء العمل من الأجير وعدم إيفائه أجره والنهي عن عدم العدل في العطية بين الأولاد. والنهي عن المضارة في الوصية وعن الوصية لوارث، لأن الله قد أعطى الورثة حقوقهم، وأن يوصي بماله كله ويترك ورثته فقراء فإن فعل فلا تنفذ وصيته إلا في الثلث.

والنهي عن سوء الجوار وعن إيذاء الجار، وعن هجر المسلم فوق ثلاثة أيام دون سبب شرعي.

والنهي عن الخذف وهو رمي الحصاة بين إصبعين لأنها مظنة الأذى مثل فقء العين وكسر السن، والنهي عن الاعتداء.

والنهي أن يجهر الناس بعضهم على بعض بقراءة القرآن، والنهي عن الدخول بين المتناجيين وأن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما، وأن يقيم شخصاً من مقعده ويجلس هو فيه، وأن يقوم الرجل من عند أخيه حتى يستأذن. والنهي عن القيام على رأس الجالس، وعن الجلوس بين الشمس والظل، لأنه مجلس الشيطان.

والنهي عن الإضرار بالمسلمين، وعن شهر السلاح على المسلم.

والنهي أن يشير إلى أخيه المسلم بحديدة.

والنهي عن تعاطي السيف مسلولا خشية الإيذاء، والنهي عن ردّ الهدية إذا لم يكن فيها محذور شرعي، والنهي عن الإسراف والتبذير، وعن التكلف للضيف، وعن إعطاء المال للسفهاء. ونهي الناس أن يتمنى ما فضل الله بعضهم على بعض من الرجال والنساء. والنهي عن إعطاء المال للسفهاء، والنهي عن التنازع، والنهي عن الرأفة بالزاني والزانية عند إقامة الحد. وعن إبطال الصدقات بالمن والأذى.

والنهي عن كتمان الشهادة، والنهي عن قهر اليتيم ونهر السائل، والنهي عن التداوي بالدواء الخبيث فإن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها، والنهي عن قتل النساء والصبيان في الحرب، والنهي عن التعمق والتكلف والنهي عن الأغلوطات وهي الإتيان بالمسائل المشكلة إلى العالم لمغالطته وتحديه وتشويش فكره أو إرادة السائل إظهار فضله وذكائه أو السؤال عن أمور لم تقع من الفرضيات والجدليات التي لا تنفعه في دينه.

والنهي عن اللعب بالنرد والنهي عن لعن الدواب والنهي عن خمش الوجه عند المصيبة، وعن غش الرعية، والنهي أن ينظر الإنسان إلى من هو فوقه في أمور الدنيا بل ينظر إلى من هو أسفل منه حتى يعرف نعمة الله عليه فلا يزدريها، والنهي أن يفخر أحد على أحد.

والنهي عن إخلاف الوعد، والنهي عن خيانة الأمانة، والنهي عن كتم العلم والنهي عن الشفاعة السيئة مثل أن يتوسط في الشر.

والنهي عن سؤال الناس دون حاجة، والنهي عن الجرس في السفر والنهي عن اتخاذ الكلاب إلا لحاجة ككلب الماشية وكلب الزرع والصيد والحراسة.

والنهي عن الضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله والنهي عن كثرة الضحك والنهي عن إكراه المرضى على الطعام والشراب فإن الله يطعمهم ويسقيهم والنهي عن إحداد النظر إلى المجذومين.

والنهي أن يروع المسلم أخاه المسلم أو يأخذ متاعه لاعبا أو جادا والنهي عن الأخذ والإعطاء بالشمال، والنهي عن النذر لأنه لا يرد من قضاء الله شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل، وعن ممارسة الطب بغير خبرة، وعن قتل النمل والنحل والهدهد.

والنهي أن يسافر الرجل وحده، والنهي أن يمنع الجار جاره أن يغرز خشبة في جداره.

والنهي عن جعل السلام للمعرفة وإنما يسلم على من عرف ومن لم يعرف، وعن إجابة من بدأ بالسؤال قبل السلام، وعن تقبيل الرجل الرجل.

والنهي عن جعل اليمين حائلة بين الحالف وعمل البر بل يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، وعن القضاء بين الخصمين وهو غضبان أو يقضي لأحدهما دون أن يسمع كلام الآخر.

والنهي عن إخراج الصبيان خارج البيت عند غروب الشمس حتى يشتد السواد لأنها ساعة تنتشر فيها الشياطين، والنهي عن الجذاذ بالليل وهو قطع الثمار وعن الحصاد بالليل لئلا يخفى على المساكين ولئلا يكون فراراً من الفقراء قال الله تعالى:  وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ  [الأنعام:141].

والنهي أن يمر الرجل في السوق ومعه ما يؤذي المسلمين كالأدوات الحادة المكشوفة، والنهي عن الخروج من البلد التي وقع فيها الطاعون أو الدخول إليها.

والنهي عن الحجامة يوم الجمعة والسبت والأحد والأربعاء وإنما يحتجم يوم الخميس والاثنين والثلاثاء، والنهي عن تشميت من عطس فلم يحمد الله، والنهي عن التفل تجاه القبلة، والنهي عن التعريس على قارعة الطريق في السفر، وهو النزول للنوم والاستراحة وذلك لأنها مأوى الدواب، والنهي عن الضحك من الضرطة وهي صوت الريح لأن كل إنسان معرض لذلك ولا يخلو منه شخص وفيه رعاية لنفوس الآخرين.

والنهي عن رد الطيب والوسائد والريحان.

وختاماً: هذا ما تيسر جمعه من المنهيات، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجنبنا الإثم والفواحش ما ظهر منها وما بطن وأن يباعد بيننا وبين أسباب سخطه وأن يتوب علينا إنه سميع قريب مجيب. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
الاثنين، 15 أبريل 2019

مقولات في الثبات ..!



مقولات في الثبات ..!


ليس أشق على المستقيم بعد استقامته من لزومه الطريق، وثباته على المنهج، وتباعده عن طرائق التبديل أو التذبذب والانفلات، قال تعالى: ( وما بدلوا تبديلا ) سورة الأحزاب . واحتماله أيضا لحملات النقد والسخرية والاستهزاء، وساعات الغُربة والحيرة...! وفِي ظل أزمنة الفتن والأهواء وتسلط الدنيا وأصحابها يبيتُ المؤمن أحوج ما يكون إلى المحافظة، وتعاهده لنفسه بوسائل الثبات والالتزام، لأن التغير آفة، والانحراف شر ومصيبة، فوجب الصبر، وتعين الاحتمال ، والتفكير فيما عند الله تعالى ، قال عز وجل ( فلما جاء سليمان قال أتُمدوننِ بمال فما آتني الله خير مما آتاكم ) سورة النمل . والثابت على الطريق لابد له من زاد قرآني، وقربات متجددة، وأوراد يُدمنها، وصحبة يأوي إليها، ومعالم يستضئ بها، وسنن يتشبث بها، ويأنس بها أيام التحزن والإحباط والحيرة، ومن ضمن ذلك كلمات وسير تهديه وتعينه على لأواء الطريق، وتشعبات المسير، ويعاين فيها الحكمة المضيئة، والقول المسدد المهدي، وهي مبثوثة في نصوص القرآن، وفصوص السنة، وتجاريب المصلحين الصابرين، وقد التقطنا منها لُمَعاً ودرراً تشع بلا وقود، وتوقد بلا حطب، علها أن تختصر المسافات، وتبسط المطولات، وتغني عن تضاعيف الكتب والمجلدات ، والتي قد تشق على السالك، وتوهن الثابت، ويتراجع لأجلها الراغب والطامح، ومنها تلكم المختارات الناصعة، على سبيل التمثيل والإيجاز، معنونةً بلا تعقيد ولا إلغاز...: 

١/ توفيق إلهي :
 ( وربطنا على قلوبهم إذ قاموا)سورة الكهف: هنا معنى يربي على حسن التدين وتعميق الإيمان بالله تعالى، وعدم الركون إلى النفس وزكاتها، أو القلب وثباته، أو العلم وسطوعه، أو العبادة وحضورها..! فكلنا معلّقون بالله وحسن توفيقه وتثبيته، كما قال في الفتية الكهفيين الصلحاء( وربطنا ) أي ثبتناهم على الحق، وصبرناهم على المنهج، وقوينا قلوبهم، فآنسنا وحشتهم، وأسعدنا غربتَهم، وأمّنا روعتَهم، فكان ما كان من ظهور الحجة، والثبات الشامخ، والذكر الحسن، والربط القلبي، والنجاة العجيبة( فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته، ويُهئ لكم من أمركم مِرفقا ) . 

٢/ دعاء نبوي :
( اللهم يا مقلِّب القلوب ثبت قلبي ) وتلك وسيلة ناجعة، وعدّة لازمة، وابتهال خالص، واستعانة دائمة، فالله هو المثبّت والمعين، كما هو الإلهام السابق لفتية الكهف، وأن الدعاء من وسائل الثبات، فلا تعجب بصلاحك، ولا تطمئن لطاعاتك . وقد صح الأمر بتجديد الإيمان، وبابته الدعاء الصادق، قال صلى الله عليه وسلم -: ( إن الإيمان ليخلَق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فسلوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم ) رواه الطبراني والحاكم وهو صحيح .

٣/ درء الوحشة :
 قال علي والفُضيل رضي الله عنهما : ( لا تستوحش طرق الهدى لقلة السالكين، ولا تغتر بطرق الباطل لكثرة الهالكين ). وهو شكل من التألم والتوجع الذي ينتاب الأخيار من جراء القلة والضعف وتسلط الظلمة، واستهزاء المنافقين، واعتقاد أنهم على حق، وأن التدين تبعة، والاستقامة شاقة، والله المستعان، قال تعالى ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) سورة الروم .

٤/ الشعار السلفي:
 ( تعال بِنَا نومن ساعة ). فلا تعتمد على نفسك فقط، وكون علاقة متينة، ومحضنا إيمانيا، وحصنا منيعا يقويك ويثبتك، ويسليك على الدوام ، فلا عون بعد الله كالإخوة الطيبين، والصفوة النيّرين، الذين تنتفع بمجالسهم، وتحيا بفوائدهم، وتصحو بتنبيهاتهم...! 

٥/ روَغان المتدين:
 قال الفاروق عمر ( استقاموا لله على طاعته، ولَم يروغوا روغان الثعالب ). إياك والروغان أو البحث عن الترخص، أو استسهال الشرائع،والفرار وقت التكليف، وعدم القيام بحق الله فيها، فذاك شكل من التراجع، ونوع من الانهزام...! وغالبا ما يكون ذاك من جراء نفائس الدنيا والفتنة بها والخلود لحلوائها، وقلة الاستعداد للآخرة والتفكير القلبي والعملي فيها، وهذه فكرة لابد للثابت أن يتجاوزها سريعا، وإلا تضعضع المسلك، وفتر القلب، وكما قال الشاعر الطُغرائي:
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها...فهل سمعتَ بظل غير منتقل..؟!

٦/ التجدد القلبي:
 قال ابن مسعود رضي الله عنه ( ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين{ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم..} ) رواه مسلم في الصحيح . وفي هذا المعنى استدامة التجديد الإيماني، ومحاذرة الغفلة المورثة للجفوة والقسوة، فلا انشغال أو معاذير عن زاد معروف، وطريقة متبعة...!

٧/ يقظة المقصّر :
 قال ابن المبارك رحمه الله: ( من أعظم المصائب للرجل أن يعلم من نفسه تقصيرًا ثم لا يبالي، ولا يحزن عليه ) . لأن المؤمن الثابت يكره التقصير، ويبالي به، ويفكر في الدواء والمعالجة، ولا زالت نفسه تعاتبه، وضميره يؤنبه، لا سيما عند مقارعة الذنوب، واشتداد الغفلات، فتلقاه في جهاد معها ومناكفة، خلافا لمن قسا قلبه، وطالت شقوته، فإن قد لا يستيقظ مبكرا، ويحتاج إلى سياط موقظة، ومواعظ ملهبة، ترده للصواب، وتحذره مصارع الغافلين .

٨/ سر الثبات:
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( فأهل اليقين إذا ابتُلوا ثبتوا ؛ بخلاف غيرهم ) وهو أعظم عدة، وأشرف زاد، والقاعدة المتينة النضاخة للثبات ، وقال رحمه الله: ( يحصل اليقين بثلاثة أشياء : أحدها : تدبر القرآن ، والثاني : تدبر الآيات التي يحدثها الله في الأنفس والآفاق التي تبين أنه حق ، والثالث : العمل بموجب العلم، قال تعالى : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد }سورة فصلت .

٩/ التعزز الإيماني :
 قال الحسن وابن حنبل رحمهما الله: ( أعِزَّ أمرَ الله حيثما كنت، يُعزك الله ). أي كن عزيزا بالله وبدينه، مظهرا لشعائره، مفتخرا بسننه، مستمسكاً بمبادئه ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )سورة آل عمران .

١٠/ الوجَل الدائم :
 قال سفيان الثوري رحمه الله : ( إني أخاف أن أُسلب الإيمان قبل أن أموت ) ( السير ٢٥٨/٧). لأن قلبه حي، ونفسه خائفة، وجوارحه لاهثة، فهو يخشى الزلل، ويخاف العثرات، وسوء الخاتمة .
حيث لا اغترار بالحسنات، ولا اعتماد على القربات، كما قال الله: ( وقلوبهم وجِلة ) سورة المؤمنون. .

١١/ السفينة الصالحة:
 قال الإمام مالك رحمه الله :( مثلُ السنة مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غَرق ). فاركب السفينة قبل الهلاك، وسارع قبل الغرق، وتعلق بسنن راسخة، وأحاديث باهرة، بارك الله فيها ، وجعل من استعصم بها في عز وفِي نضرة وفِي قرار مكين..! 

١٢/ المكابدة المنتصِرة:
 قال الإمام محمد بن المنكدر رحمه الله : ( كابدتُ نفسي أربعين سنة حتى استقامت ). لأنه عرضة للابتلاء والتمحيص، وتخالطه الفتن، وتراوده النفس، وتفتح له من وساوسها وإيحاءاتها ، والنَاس يتفاوتون في ذاك ، فمن حريص على عليائها، وآخر مهتم باعتدالها، وثالث يخاف زللها، قال تعالى ( قد أفلح من زكاها ) سورة الشمس .

١٣/ استسهال الذنوب:
 قال العلامة ابن القيم رحمه الله :( الذنوب جراحات، وربَّ جُرح وقع في مَقتَل ). فالشواف للثبات لا يليق به استسهال المعصية، أو التلذذ بالذنب، أو مراكمة الصغائر ، فإن لها من الله طالبا..! وفِي القرآن: ( فأهلكناهم بذنوبهم ) سورة الأنعام . ومنها ما هو فتاك، وقتال، وصيال، تنتهي بصاحبها لأتعس حال، وشر إقامة..! 

١٤ / الموعظة العملية:
 قال حكيم : ‏( الثبات ) لا يكون بكثرة الاستماع للمواعظ،‏ إنما يكون بفعل هذه المواعظ ) ومصداقه في القرآن ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتاً وإذاً لآتيناهم من لدنا أجراً عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما ) سورة النساء .
فالنتائج هنا خيرية وثبات، وأجر وهداية، وما أحلاها على قلب المؤمن الموحد..! 

١٥/ الحق أبلج ثابت:
 ولو قلّ حاملوه، قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( الجماعة ما وافق الحق؛ ولو كنت وحدك ) .
ما دمت اعتقدته بدليله البيّن، وبرهانه الساطع، فلا تبال بالمخالف، ولا المجادل ولا المعترض، فكلهم لا قيمة لهم عند جلاء الحق، وظهور البينات...! قال تعالى : 
( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ) سورة الأنعام . وفِي أزمنة الفتن واخضرار الدنيا بأهلها يقل الاتباع وتكثر التأويلات والتسويغات، ويتعامى كثيرون.،! ولكن الحق لا يعمى عند أهله الطالبين ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ) سورة المائدة . فستنتقد وتتهم، وتلفق لك الأقاويل ، ولكنها لا تعدو ان تكون إنشائيات وجهالات، ( وشنشنة عرفناها من أخزم..)...! فلا تُصغ لها، وأمِتها بالإعراض، ودِيمة العلم والاستعصام..،!

١٦/ الأثر الباقي :
 قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: ( عليك بآثار من سلف وإن رفضَك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم ).
سيأتي زمان الآثار فيه مهجورة، والطرائق مردودة ومتهكم بها، وينشغل الآخرون بدنياهم وفنونهم الجديدة من آراء مستحدثة، وعادات مستوردة، يطال ذلك الأحاديث الصحاح، والآثار السلفية المِلاح، فلا يفت ذلك في العضد، أو يورثك الكمد، بل اثبُت ما كنت للحق متبعا، وبأنواره مستضيئا، فإن الآراء لا تدفع النصوص والآثار ....!( فاصبر إن وعد الله حق ولا يَستخِفنّك الذين لا يوقنون ) سورة الروم .
والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط .